أسرار استجابة الدعاء

عالم الروحانيات
المؤلف عالم الروحانيات
تاريخ النشر
آخر تحديث

 كيف تجعل دعاءك مستجابًا وفقًا للقرآن

"إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ"
[القرآن الكريم - سورة الملك، آية 12]

يُعتبر الدعاء من أسمى العبادات في الإسلام، حيث يُظهر المؤمن ارتباطه القوي بربه وطلبه للرحمة والمغفرة. ولكن، قد يتساءل الكثيرون: لماذا لا تُستجاب دعواتنا بالرغم من أننا نلح في الدعاء؟ ولأن الإجابة على هذا السؤال هي مفتاح لفهم أسرار استجابة الدعاء، سوف نتناول في هذا المقال أسرار استجابة الدعاء كما وردت في القرآن الكريم، وكيف يمكننا تحسين دعائنا ليكون مستجابًا.

1. لماذا لا تُستجاب الدعوات؟

تُبيّن الآية الكريمة في سورة البقرة (آية 186) أن الله سبحانه وتعالى قريب من عباده، يسمع دعاءهم ويستجيب له. ومع ذلك، قد يشعر البعض بعدم استجابة دعائهم. في هذه اللحظات، يجب أن نتذكر أن استجابة الدعاء ليست دائمًا كما نتوقع؛ فقد يؤخر الله الإجابة أو يبدلها بما هو خير لنا، أو يصرف عنّا شرًا بسبب دعائنا.

كيف نستجيب لله؟

في الآية نفسها، يوجه الله المؤمنين إلى الاستجابة له فيقول: "فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي". إذًا، فالدعاء لا يتطلب فقط أن نسأل، بل يجب أن يكون قلبنا مستجيبًا لله وطاعته. هذا يعني أننا بحاجة إلى العمل وفقًا لتوجيهاته لنحصل على استجابة الدعاء.

2. كيف استجاب الله لدعاء الأنبياء؟

يُعتبر دعاء الأنبياء مثالًا حيًّا على كيفية استجابة الدعاء من الله. دعونا نتأمل بعض قصص الأنبياء وكيف استجاب الله لدعائهم:

دعاء سيدنا نوح (عليه السلام):

عندما نادى نوحٌ ربه في محنته: "وَنُوحًا إِذْ نَادَى رَبَّهُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ" [الأنبياء: 76] استجاب الله لدعائه على الفور، إذ نجاه من غرق قومه، وكان في دعائه يعبر عن فزع وحاجة إلى النجاة.

دعاء سيدنا أيوب (عليه السلام):

عندما عانى أيوب من المرض الشديد، دعا الله أن يخلصه مما هو فيه: "وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ" [الأنبياء: 83] استجاب الله لدعائه مباشرة ورفع عنه البلاء، مما يظهر قدرة الله ورحمته بعباده الصالحين.

دعاء سيدنا يونس (عليه السلام):

في أعماق البحر، وفي ظلمات بطن الحوت، دعا يونس: "لَا إِلٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ" [الأنبياء: 87] استجاب الله لدعائه على الفور، وأنقذه من البلاء، مما يبرز أن الله يجيب دعاء عباده في أشد المواقف.

كيف تجعل دعاءك مستجابًا وفقًا للقرآن



3. ما هو سر استجابة الدعاء؟

عندما نتأمل في دعاء الأنبياء، نجد أن هناك ثلاثة شروط أساسية يجب توافرها لزيادة فرص استجابة الدعاء.

أ) المسارعة في الخيرات:

"إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ" [الأنبياء: 90] الشرط الأول هو المسارعة في الخيرات. الأنبياء كانوا لا ينتظرون دعوتهم لفعل الخير، بل يسارعون إليها. يُظهر هذا أن الله يحب الذين يبادرون بأعمال البر، وهو من شروط الدعاء المستجاب.

ب) الدعاء برغبة وخوف:

"وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا" [الأنبياء: 90] الشرط الثاني هو الدعاء مع الرغبة في رحمة الله والخوف من عذابه. يجب أن يكون الدعاء نابعًا من قلب راغب في الخير خائف من العواقب، مع الإيمان التام بقدرة الله على استجابة الدعاء.

ج) الخشوع لله تعالى:

"وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ" [الأنبياء: 90] أما الشرط الثالث فهو الخشوع في الدعاء. خشوع الدعاء يعكس التواضع والاعتراف بعظمة الله في الدعاء. يتطلب منا أن نكون صادقين في نوايانا وأن نغلق أعيننا عن الدنيا عندما ندعو الله.

4. كيف نطبق هذه المبادئ في حياتنا؟

إذا كنت ترغب في أن يكون دعاؤك مستجابًا، إليك بعض الخطوات العملية:

أ) أسرع إلى فعل الخيرات:

ابدأ بفعل الخير كلما سنحت لك الفرصة. قد يكون ذلك بالتصدق على محتاج أو بدعوة الآخرين إلى الصلاة، أو حتى بكلمة طيبة. المسارعة إلى فعل الخيرات تعمل على استجابة الدعاء من الله.

ب) توجه إلى الله بقلب خاشع:

عندما تدعو الله، يجب أن يكون قلبك مليئًا بالخوف من عذابه والرغبة في مغفرته. تذكر دائمًا عظمة الله وقدرته على استجابة الدعاء.

ج) دعاء مع الإيمان التام:

كون على يقين أن الله سيستجيب لدعائك، وإن لم يكن بالوقت الذي تتوقعه، فإن الله قادر على تأجيل الإجابة لما هو أفضل لك في الدنيا أو في الآخرة.

5. الخاتمة:

إن سر استجابة الدعاء يكمن في الاستجابة لله تعالى في جميع أمورنا. إذا كان قلبك مخلصًا، وخاشعًا، وسريعًا لفعل الخيرات، فإن الله سبحانه وتعالى لن يخيب رجاءك. اللهم استجب لدعائنا واغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا.

تعليقات

عدد التعليقات : 0